الاثنين، 4 مارس 2024

ورشة بسيطة تتحول إلى مشروع واعد لنساء عراقيات في الأردن

ورشة بسيطة تتحول إلى مشروع واعد لنساء عراقيات في الأردن


ورشة بسيطة تتحول إلى مشروع واعد لنساء عراقيات في الأردن

سلط موقع "تقرير العالم" الكاثوليكي المسيحي الضوء على تجربة فريدة تساعد عائلات عراقية عديدة تقيم في الأردن على تأمين معيشتها، وذلك من خلال مشروع للخياطة يساهم ليس فقط في إعادة بناء حياتهم، وأنما يخيط أيضاً جروح الحياة بالنسبة إليهم.وذكر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن ورشة الخياطة تعمل في العاصمة الأردنية عمان، وتحمل اسم "الرافدين" وهو ما يشير إلى نهريّ دجلة والفرات، وقد تم اختيار الاسم من قبل الفتيات العراقيات الأوائل اللواتي شاركن في المشروع، وكان عددهن نحو 20 شابة هربن من اضطهاد تنظيم داعش في العام 2014، وحاولن بوجودهن في الأردن إعادة بناء مستقبلهن.

وأشار التقرير إلى أن المشروع انطلق قبل 8 سنوات، وتحديداً في 24 شباط/ فبراير 2016، وخضع من خلاله نحو 150 شابة للتدريب، بحسب الأب الإيطالي ماريو كورنيولي، الذي يعتبر مؤسس ومنسق المشروع حيث يقول "بدأنا بصيغة المال مقابل التدريب، حيث حصلت الشابات اللواتي حضرن الدورات التدريبية على تعويضات عن نفقاتهن".وأضاف "أنها طريقة لمساعدتهن بكرامة، وتوفير التدريب المهني ومساعدتهن على إعالة عائلاتهن".

ولفت التقرير إلى أن الأب كورنيولي ينحدر من عائلة من رجال الأعمال، وهو ما يميز نهجه العملي في التعامل مع التحديات والاهتمام بالتفاصيل، والمرتبطة بروحية الخدمة العميقة.وتابع التقرير أن الأب كورنيولي أسس في العام 2013، منظمة "حبيبي" غير الحكومية، وذلك بهدف دعم العديد من المشاريع المتعلقة بالتنمية الإنسانية والاجتماعية، بما في ذلك مشروع "الرافدين"، في كل من بيت لحم والأردن.

ونوه التقرير إلى أن كورنيولي بعدما تمت رسامته ككاهن في العام 2002 لأبرشية فيسولي الإيطالية، جاء إلى فلسطين في العام 2009، وهو منذ العام 2015، يقيم في الأردن من أجل خدمة اللاجئين العراقيين، فيما تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشوؤن اللاجئين أن بياناتها تظهر أنه يوجد في الأردن نحو 718 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجل، بينهم أكثر من 55 ألف عراقي.

وتابع التقرير أن اللاجئين العراقيين بدأوا في الوصول إلى الأردن على دفعات متعددة منذ تسعينيات القرن الماضي بعد حرب الخليج الأولى، ثم في العام 2014، خلال موجة اللجوء الكبيرة التي تسبب بها تنظيم داعش، مشيراً إلى أن الكنائس والمنظمات المسيحية استقبلت وحدها أكثر من 10 آلاف لاجئ منهم.

وأضاف أنه ما كان يبدو أنها حالة طارئة لأسابيع قليلة، تحول إلى حالة طويلة الأمد، مما أدى إلى بروز تحديات مرتبطة بإقامتهم، وإعالة العائلات والحصول على الرعاية الصحية والتعليم والوظائف.

ونقل التقرير عن منظمة "كاريتاس" الإنسانية قولها إن اللاجئين العراقيين في الأردن لا يتمتعون بوضع قانوني، وهو ما يعني أنهم لا يستطيعون العمل بشكل قانوني، مما يجعل من الصعب عليهم أن يعيلوا أنفسهم، وبالتالي، يجبرون على البحث عن الاستقرار في مكان آخر، خصوصا في أستراليا أو كندا أو الولايات المتحدة، على الرغم من أن حلمهم النهائي هو أن يعودوا إلى وطنهم في يوم من الأيام.

وتابع التقرير أنه في هذا الإطار، فإن جمعية "الرافدين" ولدت، ونقل عن كورنيولي قوله "إننا هنا لنخبرهم أن الله لم يتخلى عنهم، وبدأنا بفكرة إعادة الكرامة لهؤلاء الناس".وأشار التقرير إلى أنه من خلال الدعم من الأصدقاء والمتطوعين، ليس فقط مالياً بل أيضاً على الصعيد المهني، فإن "الرافدين" خطت خطواتها الأولى، وبحسب الأب كورنيولي فإن بعض الخياطات ومصممي الأزياء، انضموا لدعم الجمعية، وخصوصاً المصممة روزاريا مينينو، التي تخلت عن وظيفتها في إيطاليا في العام الماضي لكي تنتقل إلى عمان وتتفرغ بالكامل للورشة، بالإضافة إلى مصممة الأزياء إنطونيلا مازوني.

وبحسب التقرير، فإن 19 فتاة، جميعهن مسيحيات، يعملن في الورشة حالياً، وهي تتخذ من رعية مار يوسف للاتين مقراً لها، مضيفاً أن الورشة بمثابة وسيلة لحماية النساء العاملات اللواتي لم تتوفر لهن الفرصة للقيام بذلك بطريقة أخرى.ونقل التقرير عن كورنيولي قوله إن التواصل مع اللاجئين هو ما يقوي إيمانه، موضحاً "أنهم أناس يتمتعون بإيمان غير عادي حيث خسروا كل ما لديهم إلا أنهم حافظوا على إيمانهم حياً، وبالنسبة ليّ ولعملي، فهذا مصدر لا نهاية له للإثراء الشخصي والتنوير".

وذكر التقرير أن المشروع يحظى منذ العام 2018، بدعم مؤتمر الأساقفة الإيطاليين ويستفيد من التعاون مع جمعية "برو تيرا سانكتا" منذ العام 2020، بالإضافة إلى وجود شراكة مع السفارة الفرنسية في عمان.وتابع التقرير أن "الرافدين" ازدهرت على مر السنوات، وطورت خطوط إنتاج مختلفة ووسعت مجموعاتها، وبحسب كورنيولي فإن "الرافدين" أصبحت الآن تتمتع بالاكتفاء الذاتي، موضحاً "نحن نغطي النفقات ونتمكن من توفير راتب صغير للفتيات".

وتناول التقرير تجربة العراقية لونا شربل (25 عاماً) التي وصلت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 إلى الأردن آتية من قرقوش برفقة زوجها وطفليها حيث اتخذوا قرار الرحيل بعد كارثة الحريق في حفل زفاف أودى بأرواح أكثر من 100 شخص.ونقل التقرير عن لونا شربل قولها "لا يوجد عمل ولا أمن في العراق. والآن نأمل أن نرحل قريباً إلى أستراليا، حيث استقرت عائلة زوجي بأكملها بالفعل".

وفي إشارة إلى عملها في ورشة الخياطة، قالت شربل "أشعر هنا أنني بحالة جيدة، ورغم عدم اعتقادي بأنني سأواصل القيام بهذا العمل، إلا أن المجيء إلى هنا يعطيني الأمل".ولفت التقرير إلى أن كلمة "الأمل" موجودة أيضاً على ملصق "الرافدين" ضمن عبارة "الموضة ترى من خلال خيوط الأمل".ونقل التقرير عن كورنيولي قوله إنه "بالنسبة لهؤلاء الشابات، فإن إجبارهن على مغادرة وطنهن هو بمثابة جرح مفتوح، والعمل وتنظيم يومهن والمساهمة في دعم أسرهن له أثره الإيجابي، حتى على المستوى النفسي".وأضاف "أنهن عندما يقمن بالخياطة، فإن خيوط القطن الملون تصبح خيوط شفاء، وأملاً للمستقبل، ونسيج لحياة جديدة".

SHARE

Author: verified_user

0 Comments: