العراق بين ثروة النفط وفقر الإنسان
منذ عام 2003 دخل العراق مسارًا اجتماعيًا واقتصاديًا شديد التعقيد لم تكن نتائجه مجرد اضطرابٍ سياسي عابر بل إعادة تشكيلٍ عميقة لبنية المجتمع و كان أبرز ملامحها اتساع التفاوت الطبقي على نحوٍ غير مسبوق ففي بلدٍ يمتلك واحدة من أكبر الثروات النفطية في العالم تشكّلت مفارقة قاسية: قلةٌ تزداد ثراءً ونفوذًا، وأكثريةٌ تكافح يوميًا من أجل أساسيات العيش.
وهذه المفارقة ليست نتاج الصدفة بل حصيلة تراكم طويل من الحروب وسوء الإدارة والفساد وغياب العدالة الاجتماعية و قبل 2003 كان المجتمع العراقي قد خرج منهكًا من حربٍ طويلة مع إيران ثم من اجتياح الكويت أعقبه حصار اقتصادي خانق استمر أكثر من اثني عشر عامًا و هذه المراحل أضعفت الطبقة الوسطى وأفقرت شرائح واسعة من المجتمع لكنها لم تُنهِ فكرة الدولة الاجتماعية بالكامل.
و غير أن ما بعد الاحتلال الأمريكي شكّل قطيعة حقيقية؛ إذ ترافقت إعادة تشكيل النظام السياسي مع تدمير واسع للبنية التحتية وانهيار قطاعات الزراعة والصناعة وفتح أبواب الاقتصاد أمام الفساد والمحاصصة بدل التخطيط والتنمية.
في هذا السياق نشأت طبقة سياسية تحوّلت تدريجيًا إلى طبقة اقتصادية مغلقة تمتلك المال والقرار معًا و هذه الطبقة لم تعد تُعرَّف بكونها ممثلةً لمصالح اجتماعية بل بوصفها مستفيدة مباشرة من الدولة الريعية حيث تُعاد توزيع عوائد النفط عبر شبكات النفوذ لا عبر مؤسسات العدالة.
وقد انعكس ذلك بوضوح في فشل تطبيق أبسط أدوات المساءلة مثل مبدأ «من أين لك هذا؟»، الذي تحوّل إلى شعارٍ احتجاجي يتردّد في الشارع دون أن يجد طريقه إلى التنفيذ الفعلي والمفارقة الأكثر إيلامًا أن العراق و رغم احتياطاته النفطية الضخمة التي تُقدَّر بنحو 135 مليار برميل لم ينجح في تحويل هذه الثروة إلى رفاهٍ عام.
فبحسب بيانات البنك الدولي وتقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حتى عام 2025، لا يزال نحو 17.5% من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر الوطني فيما تكشف مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد عن أشكال أعمق من الحرمان تشمل التعليم والصحة ومستوى المعيشة و هذه الأرقام لا تعبّر فقط عن عجزٍ اقتصادي، بل عن خللٍ بنيوي في كيفية إدارة الموارد وتوزيعها.
العراق بلد النفط والثروات بس أغلب الناس بعدهم يكافحون من أجل أساسيات حياتهم قلة صارت تسيطر على المال والقرار والفقراء يعيشون تحت خط الفقر وين العدالة
ردحذف135 مليار برميل نفط وما نزلت الفائدة على المواطن الحروب، الفساد وسوء الإدارة خلت العراق يعيش مفارقة مرة غني بالنفط وفقير بالبشر
ردحذف